أشارت العديد من الدراسات أن عدم ممارسة الرياضة البدنية واتباع نمط حياة خمولي له آثار سلبية على الصحة. ومن هذه الآثار ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض شرايين القلب إذ يعتبر ذلك أحد عوامل الخطورة للإصابة بأمراض شرايين القلب. كما أن نمط الحياة الخمولي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالجلطات بالأوردة بالساقين وارتفاع نسبة الإصابة بالسمنة ومرض السكر وهشاشة العظام والاكتئاب والعديد من الأمراض الأخرى التي لا يتسع المجال لذكرها. كما أشارت العديد من الدراسات أن ممارسة الرياضة بمجهود متوسط المستوى وبشكل منتظم يؤدي إلى خفض الإصابة بالعديد من الأمراض ويشمل ذلك خفض الإصابة بأمراض شرايين القلب ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة والإصابة بالسكتة الدماغية والاكتئاب كما يشمل ذلك خفض الإصابة بالتدهور الذهني والإصابة بسرطان القولون.
كما أن ممارسة الرياضة تؤدي إلى خفض مستوى الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية كما تؤدي إلى رفع مستوى الكوليسترول الحميد (الواقي) وكل هذه الآثار إيجابية لخفض نسبة الإصابة بأمراض شرايين القلب.
يتضح من ذلك أننا نحصل على فوائد جمة من ممارسة الرياضة شريطة أن تكون بمستوى مجهود متوسط وبشكل منتظم معظم أيام الأسبوع على ألا يقل ممارستها عن ثلاث مرات في الأسبوع ولمدة نصف ساعة. إضافة إلى ذلك أوضحت دراسات حديثة أن هذه الفوائد يمكن جنيها من ممارسة الرياضة ولمدة 15 دقيقة مرتين في اليوم. وهذا بالتأكيد حافز للعديد من الناس الذين لا يستطيعون ممارسة الرياضة لمدة نصف ساعة متواصلة يومياً لظروفهم الخاصة، ومن المؤسف حقاً أنه مع كل هذه الإيجابيات فإننا نجد أن من يمارسون الرياضة وبمستوى مفيد قليل جداً ويعزى ذلك لأسباب عدة منها ادعاء ضيق الوقت عند البعض وعدم وجود الحافز النفسي والميول للراحة والدعة عند عدد كبير من الناس، كما أن عدم وجود الأماكن المخصصة لممارسة الرياضة قريباً من الناس في أحيائهم قد يكون عاملاً هاماً في عدم تشجيع البعض من ممارسة الرياضة. تشير الدراسات في الولايات المتحدة أن 60% من المجتمع الأمريكي لا يمارس الرياضة بشكل منتظم كما أن 20% منهم خامل تماماً بينما من يمارس الرياضة بشكل مفيد يتراوح بين 20 25% فقط.
بالمقارنة تشير دراسة أمراض شرايين القلب لدى السعوديين أن 40% من المجتمع السعودي لا يمارس الرياضة بشكل منتظم وأن 45% منهم خامل تماماً بينما من يمارس الرياضة بشكل مفيد 15% فقط. يتضح من ذلك أن نسبة الخاملين في مجتمعنا أكثر من الضعف مقارنة بالمجتمع الأمريكي.
كما تشير الدراسات أن الاستفادة من ممارسة الرياضة تزداد بزيادة الكم للمارسة على سبيل المثال الذي يمارس رياضة المشي لمسافة 4 كيلو أكثر استفادة من الذي يمارسها لمسافة 2 كيلو، كما أن الاستفادة كما رأينا ترتفع مع زيادة عدد مرات الممارسة الرياضية المتوسطة المجهود في الأسبوع.
إن ممارسة الرياضة لها آثار إيجابية ليس فقط في الوقاية الأولية من الإصابة بأمراض شرايين القلب والتي أشرنا إليها، بل ثبت أن لها آثاراً إيجابية أيضاً في الوقاية الثانوية بعد الإصابة بأمراض شرايين القلب مثل الجلطة القلبية (خفض الإصابة بجلطة قلبية أخرى أو الإصابة بذبحة صدرية) كما أن مدى الاستفادة يعتمد على نفس العوامل التي أشرنا إليها (الكم وعدد المرات لمزاولة الرياضة في الأسبوع). فمن نتائج عدة دراسات أجريت على مرضى بعد اصابتهم بجلطات في القلب وجد أن هناك تحسناً ملحوظاً في نوعية ممارسة الحياة اليومية إضافة إلى ذلك وجد أيضاً انخفاض في الوفيات بإذن الله بنسبة 20 25% بين من مارسوا الرياضة بشكل مفيد ومنتظم مقارنة بمن لم يمارسوا الرياضة. إن ممارسة الرياضة بعد الإصابة بالجلطة القلبية يجب أن يكون بناءً على وصفة بممارسة الرياضة من طبيب القلب المعالج الذي يقوم بالتقويم الكامل لحالة مريضه ووصف ممارسة الرياضة تحت الإشراف الطبي خاصة في بداية الممارسة.
لكي يستطيع عدد أكبر منا ممارسة الرياضة بشكل مفيد يجب علينا إزالة المعوقات وإيجاد الحوافز ويدخل تحت هذا الإطار توفير أماكن للرياضة في الأحياء السكنية وفي أماكن العمل. إن تخصيص مكان في البيت لممارسة الرياضة وحسب الإمكانات (لمن يستطيع) أصبح في غاية الأهمية حيث إنه سيتيح الفرصة لجميع أفراد الأسرة الاستفادة القصوى من ممارسة الرياضة وفي أي وقت مناسب لكل منهم كما أنه مكمل لممارسة الرياضة خارج البيت.
من الناحية العملية فإنه من المهم جداً وضع ممارسة الرياضة على برنامجنا اليومي. إن رب الأسرة عليه مسؤولية تحفيز أفراد أسرته لممارسة الرياضة وتوفير السبل لممارستها بشكل منتظم. مع تمنياتنا للجميع بحياة ملئها الصحة والحيوية.
منقووول ... وبتمني الكل يستفيد