الكثير من أصحاب العقول العلمية الجبارة التى دأبت فى البحث عن الحقيقة فى الغرب دخلوا فى الاسلام طواعية وبإرادتهم ودون ضغط عليهم لأنه لا إكراه فى العقائد.. فلماذا دخل هؤلاء فى الإسلام؟
حول هذا السؤال يقول فضيلة الأستاذ الدكتور جمال رجب سيدبى أستاذ العقيدة والفلسفة الاسلامية بجامعة قناة السويس بجمهورية مصر العربية: بداية نقرر بعض الحقائق التى تساعدنا فى تفسير وتحليل مثل هذه الظواهر التى باتت تقلق بعض الكارهين لهذا الدين، ويمكننا أن نشير إلى بعض الحقائق التى تقنع المؤمن وغير المؤمن من تفهم حقيقة هذا الموضوع وهى أن هذا الدين يخاطب الفطرة الإنسانية ويلبى أشواقها. ومن ثم فليس هناك أى تصادم بين ما يدعو إليه الإسلام والنفسية السوية السليمة، بل النفس المطمئنة تجد الراحة والهدوء والسكينة فى أوامر الإسلام ونواهيه، ولعل الآيات القرآنية أشارت إلى هذه الحقيقة الناصعة "فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله".
ويضيف د. جمال: إن القرآن الكريم يمثل كتاب الله المسطور والكون المشاهد يمثل كتاب الله المنظور، ولا تناقض أو تصادم بين المسطور والمنظور، وهذا يجرنا إلى الحديث عن الحقيقة العلمية والحقيقة القرآنية، فالحقيقة العلمية أقوال الحقيقة، وليس الفرض أو الظن والتخمين من النظريات العلمية، ومن ثم تتطابق الحقيقة العلمية مع الحقيقة القرآنية التى نزلت على قلب الحبيب محمد "صلى الله وعليه وسلم" منذ أربعة عشر قرنا من الزمان وقبل أن يعرف العلم طريقه إلى التقدم بهذا الشكل المذهل، وهذا ما دفع العديد من العلماء الغربيين أن يقفوا مبهورين مذهولين ولا يمكنهم إلا النطق بالشهادتين.
أقول لأن الاسلام دين الحق والمنطق والعقلانية ورغم هذه الحقائق إلا أننا يجب أن نتعامل مع هذه الحقائق بحذر وبالمنطق العلمي، وكما قلت الحقيقة العلمية تتطابق مع الحقيقة القرآنية ولا ينبغى أن نجرى وراء كل فرض علمى ليجد ضالته فى القرآن فهذا هو الفهم الخاطئ لقضية الإعجاز العلمي. فها هو الجراح الفرنسى موريس بوكاى صاحب كتاب "القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم" يقول: إن ما يثير الدهشة فى روح من يواجه نصوص القرآن لأول مرة هو ثراء الموضوعات العلمية المعالجة، وعلى حين نجد فى التوراة "الحالية" أخطاء علمية ضخمة، ولا نكتشف من القرآن أى خطأ. ولو كان قائل القرآن إنسانا فكيف يستطيع فى القرن السابع أن يكتب حقائق لا تنتمى إلى عصره. ولم يملك هذا العالم الفذ إلا النطق بالشهادتين، وترجم كتابه هذا إلى العديد من اللغات الحية فى العالم.
ويقول د. جمال: وهذا هو العالم البروفيسور مور عالم الأجنة الذى وقف فى مؤتمر الإعجاز العلمى للقرآن الكريم فى القاهرة قائلا: "إننى أشهد بإعجاز الله فى خلق كل طور من أطوار الجنين، ولست أعتقد أن محمدا أو أى شخص آخر يستطيع معرفة ما يحدث من تطور الجنين، لأن هذه التطورات لم تكتشف إلا فى الجزء الأخير من القرن العشرين".
ويؤكد د. مور: إن كل شيء قرأته فى القرآن الكريم عن نشأة الجنين وتطوره داخل الرحم، ينطبق على كل ما أعرفه كعالم من علماء الأجنة البارزين، علما بأن مراحل خلق الإنسان التى ذكرها القرآن هى سبع مراحل.. قال تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضعة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين" "المؤمنون 12 -13-14".
ويوضح د. جمال أن هذا ما أكد عليه علم الأجنة، وهذا يدل على أن الحقيقة العلمية تتطابق مع الحقيقة القرآنية، وسبحان الخالق المبدع القادر. فكل هذه الحقائق العلمية جعلت بعض المنصفين من العقول الغربية يخرون ساجدين، ويعلنون شهادة أن لا إله الله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فلماذا لا نحسن عرض مثل هذه الحقائق العلمية أمام الإنسان الغربى الذى لا يقتنع إلا بلغة العقل والمنطق، لماذا لا يضطلع بهذا الأمر نفر من الغيورين على دين الله سبحانه وتعالى لنشر الحقائق العلمية التى تحدث عنها القرآن من قبل ونشرها بكل اللغات العالمية الحية لهداية الناس نحو الحق والهداية والنور.
هذه دعوة من جانبى لكل مسلم يستطيع أن يدلى بدلوه فى هذا الميدان سواء بالكتابة فى الصحيفة المحلية أو على شبكة الإنترنت الدولية أو بالترجمة الأمينة، بكل هذه الوسائل نساهم فى الأخذ بزمام البشرية الشاردة عن جادة الحق.